مِن بين كلّ تعريفات الثقافة الكثيرة، أستدعي تعريف ريموند وليامز، «الثقافة: طريقة كاملة للحياة». وهذا يعني وجود منظومة عقلية نظرية، تعبِّرُ عن نفسها في السلوك والفعل الاجتماعي. ومستندين إلى هذا الفهم الذي يقودنا إلى أنَّ المنظومة العقليّة النظرية يمكن أن ترتكز على منهج سكوني، وفي هذه الحالة نكون أمام عقل، ولنأخذ مثلا «العقل العربي»، كما أسماه المفكر الراحل محمد عابد الجابري، والذي لا يقبل مبدأ التفاوُض والتكيّف، وإنما مقفَلٌ على جموده، فهَل يُمكن تعريف الثقافة العربية بالتالي بأنها «الطريقة الكاملة للحياة» أم أنها ثقافة سُكونيّة راكدة ؟ الإجابة هنا حُكم قيمة ولا تحتمل الإطلاق. لكن من الممكن الوصول إلى إجابة تحتمل الصح والخطأ ! تفضي بنا إلى أن محصّلة الشدّ والجذب في الصراع بين السكون والحركة في طريقة الحياة العربية تجعل منها سُكونيّة إلى حدّ كبير !
إنّ التاريخ ومنطق التطور الحيوي والخبرة البشرية كلها تثبت أن الكيان غير القادر على التكيف والتغيّر يكون مكشوفاً أمام الفناء السّريع، ولذلك ماتت اللغات التي لم تتطور وتواكب المتغيرات فخالفت سنة التغيير والتحول فكانت نهايتها لغات بائدة، هذا مثال وقس عليه ما شئت ! والذي أريد التأكيد عليه هنا للخروج من حالة الجمود أو وطأة السكون هو تعليم العقل كيفية الشك والتفكيك والتركيب، وإفساح المجال للفكرة الأخرى حتى تعرض نفسها، وعدم رفض مبدأ التفاوض مع الاختيارات والاختلافات، والتعود على التجريب وتجاهل كل ما يعرض نفسه على أنّه كامل وجاهز، وما دامت الحركة في مجتمعنا الآن تعيش أزهى أوقاتها ثقافيا وقد بدأنا إلى حد ما في زحزحة بعض البدهيات المسلمة سابقا في موضوع المرأة مثلا، فإن الفرصة سانحة لترويج فكرة دوام ممارسة التغيير لتصبح ثقافة، ولنخرج من حالة اجترار ثقافة سابقة تعتمد على السكون والثبات.
ثقافتنا العربية في نتاجها الفكري تقوم في معظمها على فكرة الثنائية الحدية الفاصلة بين شيئين، أحدهما خير مطلق والآخر شر مستطير، وهذه النظرة المتطرفة للأفكار معضلة في تحريك الراكد، فبعض مفكرينا ومثقفينا يعيشون ثقافة الاستقراء، وليس ثقافة التجربة، علاقتهم بالعلم علاقة تلقين في معظمها وليس تحليلاً وتفكيكاً وإعادة تركيب، خذ مثلا علاقتنا بالأنا والآخر، «فالأنا» مصدر للخير دائما بينما نتوجس من «الآخر» خوفا ونتهمه بأنه مصدر الشرور وفي دواخلنا نهيم بنظرية «المؤامرة» ولم نفكر ولو للحظة بأن يكون «الآخر» الذي لا نريد ونخاف منه قابعا بين ظهرانينا ومن أبناء جلدتنا، وأن «الأنا» قد يكون بعيداً عنا آلاف الأميال، ولكنه يقف معنا ويتفهم قضايانا، ويناصرها حيثما أمكنه ذلك، والدليل على ذلك التعاطف المتصاعد مع القضية الفلسطينية في القارة الأوروبية، والغرب عموماً، ومن يراقب ما يجري من صراع محتدم بين الفلسطينيين أنفسهم، على وهم السلطة بين رام الله وقطاع غزة، والمظاهرات الصاخبة الغوغائية يدرك أن ذلك كله جزء أصيل من ثقافة راكدة قلبت مفهوم الأنا والآخر !
ما نحتاجه هو معالجة غربتنا التاريخية وحالة الانقطاعات التنويرية التي حدثت في مسيرة الحداثة العربية بدءا من مشروع النهضة في الأندلس ثم مشروع النهضة العربية في بدايات القرن العشرين والآن نعيش لحظة تاريخية فاصلة في تقدم مسيرة الفعل الثقافي العربي لحظة 2030، لا بد من تحقيق المصالحة بين الجغرافيا والتاريخ، محاولة الخروج من أزمة العقلية الغربية وتقديسها وتحقيق هوية نستمد منها مشروعية وجودنا لنتحول إلى ترس فاعل في المسيرة الإنسانية، الصاعدة إلى الأمام.
إنّ التاريخ ومنطق التطور الحيوي والخبرة البشرية كلها تثبت أن الكيان غير القادر على التكيف والتغيّر يكون مكشوفاً أمام الفناء السّريع، ولذلك ماتت اللغات التي لم تتطور وتواكب المتغيرات فخالفت سنة التغيير والتحول فكانت نهايتها لغات بائدة، هذا مثال وقس عليه ما شئت ! والذي أريد التأكيد عليه هنا للخروج من حالة الجمود أو وطأة السكون هو تعليم العقل كيفية الشك والتفكيك والتركيب، وإفساح المجال للفكرة الأخرى حتى تعرض نفسها، وعدم رفض مبدأ التفاوض مع الاختيارات والاختلافات، والتعود على التجريب وتجاهل كل ما يعرض نفسه على أنّه كامل وجاهز، وما دامت الحركة في مجتمعنا الآن تعيش أزهى أوقاتها ثقافيا وقد بدأنا إلى حد ما في زحزحة بعض البدهيات المسلمة سابقا في موضوع المرأة مثلا، فإن الفرصة سانحة لترويج فكرة دوام ممارسة التغيير لتصبح ثقافة، ولنخرج من حالة اجترار ثقافة سابقة تعتمد على السكون والثبات.
ثقافتنا العربية في نتاجها الفكري تقوم في معظمها على فكرة الثنائية الحدية الفاصلة بين شيئين، أحدهما خير مطلق والآخر شر مستطير، وهذه النظرة المتطرفة للأفكار معضلة في تحريك الراكد، فبعض مفكرينا ومثقفينا يعيشون ثقافة الاستقراء، وليس ثقافة التجربة، علاقتهم بالعلم علاقة تلقين في معظمها وليس تحليلاً وتفكيكاً وإعادة تركيب، خذ مثلا علاقتنا بالأنا والآخر، «فالأنا» مصدر للخير دائما بينما نتوجس من «الآخر» خوفا ونتهمه بأنه مصدر الشرور وفي دواخلنا نهيم بنظرية «المؤامرة» ولم نفكر ولو للحظة بأن يكون «الآخر» الذي لا نريد ونخاف منه قابعا بين ظهرانينا ومن أبناء جلدتنا، وأن «الأنا» قد يكون بعيداً عنا آلاف الأميال، ولكنه يقف معنا ويتفهم قضايانا، ويناصرها حيثما أمكنه ذلك، والدليل على ذلك التعاطف المتصاعد مع القضية الفلسطينية في القارة الأوروبية، والغرب عموماً، ومن يراقب ما يجري من صراع محتدم بين الفلسطينيين أنفسهم، على وهم السلطة بين رام الله وقطاع غزة، والمظاهرات الصاخبة الغوغائية يدرك أن ذلك كله جزء أصيل من ثقافة راكدة قلبت مفهوم الأنا والآخر !
ما نحتاجه هو معالجة غربتنا التاريخية وحالة الانقطاعات التنويرية التي حدثت في مسيرة الحداثة العربية بدءا من مشروع النهضة في الأندلس ثم مشروع النهضة العربية في بدايات القرن العشرين والآن نعيش لحظة تاريخية فاصلة في تقدم مسيرة الفعل الثقافي العربي لحظة 2030، لا بد من تحقيق المصالحة بين الجغرافيا والتاريخ، محاولة الخروج من أزمة العقلية الغربية وتقديسها وتحقيق هوية نستمد منها مشروعية وجودنا لنتحول إلى ترس فاعل في المسيرة الإنسانية، الصاعدة إلى الأمام.